واحدة من أبشع الجرائم التي تغتال الطفولة وتشوّه براءتها..وقضيّة من أخطر القضايا الإجتماعيّة التي يُتكتّم عليها خشية الفضيحة والعار الإجتماعيّ، دون بذل أدنى جهد لإستئصالها من مجتمعاتنا..
التحرّش الجنسيّ بالأطفال، ذلك الخطر الذي يداهم فلذات أكبادنا ويطبع آثاره عليهم..مع صعوبة مسح هذه الآثار المؤلمة..وحول إنتشار هذه الظاهرة وخطرها الكبير على أبنائنا فقد إستضفنا الدكتور محمد بن عبد الله الدويش عضو اللجنة التربويّة في مؤسسة مناهج العالميّة والمشرف على موقع المربّي..
س۱: في البداية نودّ أن توضح لنا مفهوم التحرّش الجنسي بالأطفال.. ماذا يقصد به؟.. وفي أيّ سنّ يمكن أن يتعرّض له الطفل؟؟
ج۱: التحرّش الجنسيّ يقصد به أيّ إحتكاك جسديّ أو لفظيّ متعمّد بالطفل بقصد جنسيّ.
ويمكن أن يتعرّض الطفل للتحرّش في أيّ سنّ، لكنّ الغالب أنّه ما دون الخمس سنوات، وهذا يحصل من أقرب الناس للطفل، كبعض الآباء المنحرفين -وهذه نادرة جدّا- أو الإخوة، أو من يتولّون رعاته كالسائق والخادمة.
أمّا ما فوق خمس سنوات فقد يحصل من الأقارب، أو الجيران، أو من يحتكّ بهم الطفل كأطفال المدرسة ونحوهم.
س۲: ما سبب إنتشار هذه الظاهرة في مجتمعاتنا المحافظة؟
ج۲: الأسباب الرئيسية في نظري هي:
= زيادة الإثارة الجنسيّة.
= إنتشار المواد الجنسيّة عبر وسائل الإتصال المختلفة.
= ضعف التربية والوازع الديني.
= ضعف ثقافة الأسرة في التعامل مع هذه الحالات وتغليبها السكوت والكتمان، ممّا يشجّع على مزيد من الممارسات.
= تساهل الوالدين في بعض الممارسات أمام الأطفال الصغار.
س۳: لماذا هذا الصمت والتجاهل لمثل هذه الظاهرة المؤلمة؟؟
ج۳: الصمت مصدره ضعف الوعي والخوف على سمعة الأولاد.
س٤: الشخص الذي يمارس التحرّش مع الأطفال من يكون في الغالب؟؟ ..وهل هو مجرم بحاجة إلى عقاب أم مريض بحاجة إلى علاج..؟ وما هي الأسباب برأيك التي تجعله يختار الأطفال لتفريغ شهواته المريضة؟
التحرّش بالأطفال إنحراف وجريمة، والغالب أن يصدر بدافع الغريزة وغياب التقوى والإيمان، وقد يصدر من معتلّ نفسيّاً، والمعتلّ نفسيّاً مكلّف شرعاً وغير معذور إلا إذا كان يفقد العقل والتمييز.
أمّا اللجوء للأطفال فله سببان:
- الأول: سهولة ممارسة العمل السيّء معهم، لقلّة وعيهم، وسهولة السيطرة عليهم.
- الثاني: وجود إعتلال نفسيّ يجعله يميل للأطفال، وهذا السبب أقلّ بكثير من سابقه.
س٥: عند تعرّض أحد الأطفال- لا سمح الله- لمثل هذا الخطر..ما الذي ينبغي على الوالدين فعله بعد علمهم بذلك؟ وهل من الأفضل الإبلاغ عن هذه الحادثة..أم التكتّم عليها ؟؟
ج٥: عند تعرّض الطفل للتحرّش ينبغي مراعاة ما يلي:
= تثقيف الطفل وتوعيته بمخاطر هذا السلوك، مع الحذر من المبالغة في الحديث عن الآثار المستقبليّة لما حصل عليه مستقبلا، فهذا يؤثّر عليه نفسيّاً.
= إشعار الطفل أنّه ليس عليه أيّ ذنب فيما وقع عليه رغما عنه، لكن عليه أن يبتعد عن أسباب الوقوع فيه.
= التعامل مع الطرف الآخر بما يناسب بحسب سنّه وإدراكه.
س٦: كيف يستطيع الأهل معرفة ما إذا كان إبنهم قد تعرّض لمثل هذه المواقف المؤلمة.. وخاصّة إذا كان مشتبها بتصرّفاته؟؟
ج٦: يمكن ملاحظة ذلك من خلال ما يلي:
ـ رؤيته يمارس حركات ذات مغزى جنسيّ.
ـ وجود آلام في أعضائه التناسليّة.
ـ وجود خوف شديد من بعض الأقارب -المراهقين- أو من يعملون في المنزل، مع الأخذ بالإعتبار أنّ هذا قد يكون نتيجة إعتداء جسديّ أو نفسيّ وليس بالضرورة نتيجة تحرّش جنسيّ.
س٧: ما هي الآثار النفسيّة والجسديّة المترتّبة على الطفل الذي سبق وأن تعرّض للتحرّش الجنسيّ؟.. وماهي الطريقة المثلى للتعامل معه؟
ج٧: تعرّض الطفل للتحرّش الجنسيّ قد ينشأ عنه آثار عدّة، منها:
= وجود خوف غير طبيعيّ، كوابيس مزعجة، تبوّل لا إرادي.
= الإنعزال والإنطواء عن الآخرين.
= ضعف المستوى الدراسي.
= الإبتعاد عن الأهل.
= آلام جسديّة في الأعضاء التناسليّة.
مع ملاحظة أنّ هذه التحوّلات ليست بالضرورة نتيجة للتعرّض للتحرّش الجنسيّ، وينبغي ألاّ يتسرّع الوالدان إلى هذا التفسير، أو السؤال المباشر للطفل.
س۸: عندما يكون كلا الطرفين تحت سنّ البلوغ..على من يقع اللوم في ذلك؟ وهل للمدرسة دور في الحدّ من هذه المشكلة؟
ج۸: يقع اللوم في كلّ الأحوال على كلّ من له صلة بتربية الطفل ورعايته، والمدرسة لها دور كبير في البناء إبتداءً، وفي علاج ما ينشأ من مشكلات.
س۹: هل ينبغي في نظرك تثقيف الأطفال جنسيّا؟ أم أنّ ذلك سيؤدي بهم إلى الإنحراف؟
ج۹: ينبغي تثقيفهم لكن يتمّ التعامل مع الأمر بما يناسب عقليّة الطفل وإدراكه، والتثقيف لا يعني بالضرورة الحديث الصريح المباشر عن الأمور الجنسيّة.
س۱٠: هناك قاعدة ذهبيّة تقول: الوقاية خير من قنطار علاج..فكيف نقي أطفالنا ونحميهم من هذه التجارب المؤلمة التي من الممكن أن تشوّه براءتهم؟
ج۱٠: الوقاية كما ذكرتكم هي الحلّ الأوّل، والواجب ألا ننتظر المشكلات حتّى تقع ثمّ نسعى لعلاجها، ومن طرق الوقاية ما يلي:
•= حسن تربية الأولاد ورعايتهم.
•= تربية الأولاد على الصراحة والحديث مع والديهم عمّا يواجههم من مشكلات.
•= تنمية شخصيّة الأولاد وتقوية ثقتهم بأنفسهم، ممّا يقودهم إلى مقاومة أيّ محاولة تحرّش ومواجهتها.
•= دعاء الله دوما بصلاح الأبناء.
الكاتب: حوار: سمية السحيباني.
المصدر: موقع رسالة المرأة.